عمان.. ذكريات و مشاهدات

عمان زمان ، عمان بوظة دليس عالدوار الثاني و اول من قدم البوظة السكب، و بياع ذرة عشارع الاستقلال اللي كان زي شارع الاردن هالايام، و بياعات كوسة بلدية بخلدا. عمان مزارع الكوسا و الخيار بطول شارع الجاردنز. عمان مدينة الاهلي براس العين، واولاد مولعين السلكة بلعبوا فيها بالنزهة، عمان فول سوداني محمص من عم افريقي قطعت الحرارة أصابع ايديه.

داخليةعمان زمان مضاءة شوارعها بنيون ابيض. عمان دوار الداخلية اللي كان دوار دائري بوسطه تمثال ترأسه الكرة الارضية. عمان  اللي التكاسي للاغنياء، و السرفيس و الباص وسيلة نقل عائلية. عمان اللي كانت من انظف 5 عواصم عربية

عمان زمان لما حدائق الملك عبدالله مكان عائلي.. و مدينة الاشباح جد بتخوف

عمان لليوم، موظف الحكومة اللي ما سمع بقوانين منع التدخين بالاماكن العامة، و بعزم “مين بده سيكارة؟” عمان السرفيس اللي لسه بتركبه الام و بنتها و أكياس سوق منجو و البشارات مش مخلين وسع لراكب ثالث، و الحج مروح من شغله و حامل اكياس الخضرة و الفواكه،و شفير السرفيس لسه بستخدم نفس الجملة من 40 سنة ” ما في فراطة”، عمان كونترول الباص اللي بطالبك تركب “هالمستورة” محلك ، و ما بخلي فيها جزء ما بحلق فيه.

عمان.. لساتها الصبية الفلاحة اللي كل ما اجا موجة اغنياء جدد يحاولوا لطها بمكياج جديد، و لكن بالصباحات الندية، و ساعات الظهر الحارة، و ليالي الياسمين البلدي.. رح تشووف بسمة عمان

قرقعة صحون و تحدي بوسط البلد

اقامت “همزة وصل” تحدي الطعام في شوارع وسط البلد، و التحدي ببساطة يطلب من الفرق المشاركة -و كان للاسف فريقين احدهم لم يكمل “عشان شوب”- اكتشاف اماكن المطاعم ال 17 في وسط البلد و جبل عمان باستخدام خارطة تكشف اسماء المطاعم و ليس موقعها.

شهدت وسط البلد و هي تنزع عنها نعاس سهرة ما قبل يوم، ففي الصباح تفتح المحال بوسط البلد كتفتح الازهار بموسم الربيع و يقف الباعة على الابواب المشرعة بايات من الذكر الحكيم، يستقطبون زبائن على عجلة من امرهم للحاق بشيء ما. محال الاشرطة و السي دي تدشن الصباح باغاني لعلعة و افراح خلي الناس تصحى و ترتاح، و حركة السيارات و بكبات الديانا تحمل و تنزل بضاعة و بشر. و الشرطة مستنفرين، دفتر المخالفة يستخدم للتهديد و مجادلة مع شفير سرفيس عالية الصوت، و فجأة تفلت ابتسامة عابرة و دعاء لتلغي منظر الدفتر الاحمر و “الجحرة “و تظهرالاخوة فقط بالصورة فكلنا بالهوا سوا و الغلا لاسعنا كلنا.

إقرأ المزيد

أي شيئ …كل شيئ

وعدت نفسي و أصابعي و ارواحي السبعون الساكنة في جسدي ان افتح نافذة أسبوعية من خلال مدونتي لتكتب خربشاتها على الهواء.
خربشاتي اليوم ستكون مرسومة بأيدي و ضحكات طفولة خالصة بعيدا عن العاب البلاي ستايشن و الطلب اللحوح الممل للايفون لسماع اغنية او اللعب، خربشاتي ستكون لمعلم اردني خاص حديث بمبانيه و منهجيته التعليمية و التثقيفية و اصيل جدا، أصالة روح العائلة التي افتقدت رؤيتها كلما زرت مولا او هايبر ماركت.
متحف الاطفال هو مشروع مميز أعطى فرصة لأطفالنا و عائلاتنا عيش جو المحبة و الخيال و روح العائلة.
كم كانت جميلة و رقيقة موظفة الاستقبال لشرح الدخول و مع عتبي لثمن البطاقات و بالذات بطاقات المرافقة من العائلة و لكن المحصلة اوفر و امتع لعيش تجربة عائلية حيث الاطفال يركضون بلا رادع و يصرخون من الدهشة و السعادة.
بدأنا من محاكيات جسم الانسان البشري و كيف يمكن الاطفال من فهم المناهج بطريقة مبسطة فها هو دهليز الجهاز الهضمي يليها طاولات تجارب علمية، عندها انطلق الاطفال بجنون و كانهم يعيشون مسلسلا كرتونيا هم ابطاله، لوح الدبابيس استولى على الاهتمام فقاموا بوضع وجوههم عليها و ينظرون من الجهة الثانية ليشاهدوا التجسيم ثم كان مسرح الظل و كيف قاموا باختراع قصصهم الخاصة و كم ساعدت اشكال الفراشات و السفن التي زودها المتحف لسماع و محاولة كشف عوالم الطفولة المخنوقة بكارتون عنيف و أغاني سمجة و العاب الكترونية تفصل أطفالنا عن عوالم رحبة و تقتل خيالهم بأشكال و قصص غريبة عنا.
ضحكت طفلتي الصغرى و عبرت عن فرحتها بالرقص ليس على اغنية و لكن على متابعة سمكة قرش تدور و تدور في حوض شفاف يصاحبه تغريد عصافير يحاكي الغابة.
اصطف الاطفال في محل الخضار و تشاكسوا بعربات تسوق مصممة لاعمار الزهور ينتقوا الفواكه و الخبز حتى اللحوم و الأجبان.
ينطلق الآباء متحررين من عوالم المادة لعوالم طفولتهم الخاصة المدفونة منذ زمن مع أطفالهم و بروح عائلية رحبة.
الصراخ مسموح و كذلك الركض و المشاكسة و طبعا علامات السعادة و الرضا و الرغبة بالمزيد.
لاطفت الموظف الذي اغلق احدى الألعاب بغية تنظيفها عندما أصرت طفلتاي على الدخول و اللعب جاوبني بكل حب كم هم سعداء بخدمة الاطفال. صراحة الموظفين ليسوا موظفين بل أخوة كبار لأطفالنا فيستحقوا مني كل الشكر و التقدير.
في متحف الاطفال – عمان تكتشف العائلة روحا جديدة قلما نشاهدها، فالأب يلعب مع أطفاله و الام تسترخي بعيدا عن القلق ” شو عمل طفلها و شو خبص” التخبيص مسموح و كذلك التفلت من اي سيطرة. عالم ترسمه ضحكات أطفالنا و اكتشافنا ككبار لهوايه صغارنا و حريتهم بان يكونوا اي شيئ كل شيئ.
يصعد الطيار “غدا ” لقمرة القيادة و ينزل منها متسحسلا” بفرحة الانتصار و يكتشف النجوم من خلال قبة سماوية تعلق أحلامهم، أحلامنا شمسا تنور الكون.
يبحث عن كنزا و احفورة غمرت بتراب لا يؤذي و يدخل كهفا غنيا بجواهر كريمة.
يعيش دور الميكانيكي فيفحص السيارة و يغير قطعها. يعيش درسا العلوم فها هي العتلة و استخداماتها و كيف جمع أشعة الشمس و استغلالها.
ببيع الجواهر و العملات و يدخل الخزنة ليخرج سجينا في مركز الشرطة. و يعود ليلعب دور الخباز بطاقيته البيضاء الفرنسية.
يبني برجا يلبس السترة الفسفورية و يحرص على اعتمار خوذة الحماية.
في متحف الاطفال يلعب أطفالنا “بيت بيوت” كل الأدوار و بكل الأدوات. يرسم كما يريد بألوان آمنة يصنع من صلصال تحفة يراها الآباء ” ولا الموناليزا” و ينقلوها معهم للبيت تذكار لكنز صنعه طفلهم ربما ينتهي بغرفة الكراكيب و لكن تكفي نظرة الفخر و الإنجاز التي نراها بأعين اكبادنا و آبائهم.
تصطف الكتب المخصصة و ألوان زاهية تذكرنا و تغري بأفضل الأصدقاء الا و هو الكتاب.
عالم جميل ترسمه خيالات سحرية و تنطق حقيقة بوجه ضاحك عن حق و حقيق.

20120108-003432.jpg

20120108-003450.jpg

20120108-003506.jpg

عمان في القلب

تهب نسمة صيفية ندية تمسك سبلة من الغرب و تجدلها بأخرى من الشرق تحمل أريج الياسمين و الكولونيا تقدمها قهوة عربية على الشرفات. تزهو العطرية، و تصبو الدالية لأدراج تربط خصرها بعفوية فلاحة.

“سباعية” و منمنمة هكذا وصفها العابرون، و ها هي تكبر، تغزل حاضرها بمدرجها ،وفساتينها بثوبها ،وسمارها ببياض قوقازي، تخبز كعكا بسمسم، تقطف نعنعا أخضرا لاستكانة شاي “اكرك عجب”، و توزع القضامة الملونة و ترسم عبارات “للذكرى”. تنثر ضحكات و جلسات سمر تحت الجار القمر، أكتنزها و كذلك غيري قوتا من حيوات نعودها تارة بشوق و تارة تعودنا عتبا لغياب.

تصحو الشمس من نومها ،و يغلي البكرج النحاسي ،و يعلو صوت أجيال مستقبل ات و ينشد الكنترولية نشيد لقمة العيش وتتساقط زخات العرق تروي نشأ أخر، وترتفع سحابات جدد لتظل سفوحا صبغ الذهب قمحها، و وردا يتفتح على طرقات تلفها جامعات تناثرت حزاما من عباد الشمس.

تتهادى المراكب البيضاء تناغشها نحلات صفر تطير من تاج نصر لزهور احاطت منارتها تطاول المريخ، تبيع كرابيجا محلاة تدنو نحو بلدها عبر جبل أخضرو اطفال يتراكضون حول بائع الدحدح. يأتي اذان جليل من جامع بسط ساحته سريرا لمسافر و تجارة لشرق اسيوي و مكتبة لقراء يتناقصون، يلسع الحلق عصير بلون الليمون، تهز هبة هواء خراخيشا و صاجات على اجساد راقصات من البلاستيك معبقة برائحة زيوت الافغان و عطور مقلدة.

تلفتك لكنات و لهجات وحدت الوطن العربي حتى ألبست الاعلام برندات تصدح بصوت ام كلثوم يتبختر بها حجر النرد متراقصاعلى روائح المعسل البحريني، ترن الملعقة بكاس الزهورات يسبقها صحن كنافة برتقالية تمتد خيوطها حتي البعيد

ترسم ريشة الفنان لوحتها و بقرع الازميل طبلا يرسم حجرا يعلو على هامة مسرح مفتوح ، تبرع في اغوائها عدسات و اقلام و أصوات، تترامي دور تجمع ذوي الشعور المفزوعة و الكلمات المعربة تعبر نظرة امتنان من نظارة كعب الفنجان نحو جيل جديد يستلم المبادرة و يشرع باعادة الهيبة لبيوت طاولها الغبار لسنين.

ترتقي المدادة شمالا و تعرش على شوارع اسفلت خنصرت فستان زفافها من حجارة بيضاء و شرائط قرميد أحمر، تتهادى غربا تنهل من تعليم دولي و طعمات عالمية تنقش من اسمها حلقا لمزارع سيارات فارهة، تقفل راجعة شرقا تمد جسدها حورية بجانب سيلها تغني للحياة.

يوم السبت، يوم عماني بامتياز

مع انني سهرت الليلة الماضية محاولا تعويض العائلة عن اختفائي جميع ايام الاسبوع  مبديا رغبتي بسهرة عائلية تمتد ليلا دون توتر بحجة الاستيقاظ باكرا .ينتابني نشاط صباحي  غريب و مبكر!؟

سبتي يبدأ بابتسامة الحبيبة يلحقه معركة على السرير من طفلتاي الصغيرتان للوصول للموبايل او المنبه، اقوم متكاسلا فاليوم سبت و لا داعي ان استعجل مداعبتي لاطفالي لحاقا بالعمل، نتمغط و ربما نعود نغفو” 5 دقائق اخرى  فقط” يدعونا  فنجان القهوة للاستمتاع و فتح صباح عطلة  جديد.

أحمل عدتي من فواتير الكهرباء و الماء و التلفون و مفتاح البريد، و أحيانا قائمة الخضار و البقالة، أسرح بسيارتي إلى جبل الحسين أدندن مع سيارات ازدحمت على دوار فراس و أسوق بين تنكات المجنونة و زهور الليمون وحديقة اتسعت لحبيبة على موعد صباحي،أخذ رقما و أبتسم للموظف و أدفع الكهرباء. أستمر بالنزول شرقا تنظرني القلعة تلمع بوضح النهار،أستلم بريد العائلة و أدفع فاتورة التلفون  و أمضي ثانية باتجاه دوار فراس  عند تنكات الهواية و السجادة أطلب كشف حساب من الموظفة ما غيرها التي تناولني الكشف منذ 10 سنين ابتسم لها و امضي لادفع فاتورة المياه. أتجه لشارع الاردن ، و أبتاع الخضار و  الفواكه باسعار تقارب البقالة الكبيرة بجانب منزلي و لكني ورثت عن والدي -رحمه الله- حب اختيار الخضار حبة حبة ادرسها اشمها أمازح البائع و انشف ريقه بالمفاصلة لست وراء تخفيض 5 قروش بالكيلو بقدر رغبتي بالتواصل مع شباب و عجائز كالفواكه التي يبيعونها طازجة و طبيعية دون منكهات و الوان صناعية.

أقفل راجعا لبيتي و قد خطت الشمس الوانها علي، اخذ دشا مستعجلا بينما تستقر الفواكه بفم الصغار و البندوة و الخيار بسلال من بلاستيك، نخرج كعائلة منفردة باستقلالية و حداثة، ،نأكل طعاما لبنانيا من مطعم أخذ من “الورد” اسما له أحببت الطعام و الخدمة  و كم أحببت أن لديه غرفة ألعاب خاصة لجميع الاعمار، تسحسلت صغيرتاي عليهما لاول مرة، و تبادلت مع الموظفين ابتسامة شكر من القلب.

أخذنا الشاي في جبل عمان في شارع الرينبو قبالة المجلس البريطاني بمحل متخصص بالشاي جعل السلحفاة الخضراء رمزا له.  شايا بالمليسة و الحصل بان، مع فطيرة التفاح هي الجواب لمن أراد جوا مريحا هادئا أشبه بالكنكنة بالبيوت و لكنها هنا بجبل عمان بيتي العتيق.

و مايكون السبت دون المرور بتوأم جبل عمان ” جبل اللويبدة “الذي لا تكتمل زيارته الا بالدارة ليست دارة للفنون فقط و لكن لقصص عشاق نورت على أدراجها و شجر رمان توزع على جنباتها و تحف فن تنافست بين شجرة الواشنطونيا الكبيرة يرسم في مقهاها قصص رفقاء جلسوا و رسموا و تكلموا و لم يصمتوا و مروا دون وداع.!؟

شارفت الشمس على الرحيل، يعلو صوت طفلتاي يطلبن النوم ، تلفعني نسمة مغربية معبقة بالياسمين، أختلس نظرة تعكسني بعينيها، احساس بالاكتمال عند رؤية ابتسامتها، نعود لبيتنا االصغير، نحمم الأطفال، بلبسون البيجامات القطنية و لا ننسى “اللهاية” السحرية ، انظر لقمري و ابتسم.

عمان ليست بيوتا عتيقة و لا مطاعم حديثة، ليست بائع الخضار و لا موظف الاستقبال، ليست المتحف و لا مقهى أرجيلة تفاحتين، ليست جلسة العائلة على البرندة ذات مساء و لا أكياس تسوق من مول كبير.

………عمان كل ذلك و أكثر