مع انني سهرت الليلة الماضية محاولا تعويض العائلة عن اختفائي جميع ايام الاسبوع مبديا رغبتي بسهرة عائلية تمتد ليلا دون توتر بحجة الاستيقاظ باكرا .ينتابني نشاط صباحي غريب و مبكر!؟
سبتي يبدأ بابتسامة الحبيبة يلحقه معركة على السرير من طفلتاي الصغيرتان للوصول للموبايل او المنبه، اقوم متكاسلا فاليوم سبت و لا داعي ان استعجل مداعبتي لاطفالي لحاقا بالعمل، نتمغط و ربما نعود نغفو” 5 دقائق اخرى فقط” يدعونا فنجان القهوة للاستمتاع و فتح صباح عطلة جديد.
أحمل عدتي من فواتير الكهرباء و الماء و التلفون و مفتاح البريد، و أحيانا قائمة الخضار و البقالة، أسرح بسيارتي إلى جبل الحسين أدندن مع سيارات ازدحمت على دوار فراس و أسوق بين تنكات المجنونة و زهور الليمون وحديقة اتسعت لحبيبة على موعد صباحي،أخذ رقما و أبتسم للموظف و أدفع الكهرباء. أستمر بالنزول شرقا تنظرني القلعة تلمع بوضح النهار،أستلم بريد العائلة و أدفع فاتورة التلفون و أمضي ثانية باتجاه دوار فراس عند تنكات الهواية و السجادة أطلب كشف حساب من الموظفة ما غيرها التي تناولني الكشف منذ 10 سنين ابتسم لها و امضي لادفع فاتورة المياه. أتجه لشارع الاردن ، و أبتاع الخضار و الفواكه باسعار تقارب البقالة الكبيرة بجانب منزلي و لكني ورثت عن والدي -رحمه الله- حب اختيار الخضار حبة حبة ادرسها اشمها أمازح البائع و انشف ريقه بالمفاصلة لست وراء تخفيض 5 قروش بالكيلو بقدر رغبتي بالتواصل مع شباب و عجائز كالفواكه التي يبيعونها طازجة و طبيعية دون منكهات و الوان صناعية.
أقفل راجعا لبيتي و قد خطت الشمس الوانها علي، اخذ دشا مستعجلا بينما تستقر الفواكه بفم الصغار و البندوة و الخيار بسلال من بلاستيك، نخرج كعائلة منفردة باستقلالية و حداثة، ،نأكل طعاما لبنانيا من مطعم أخذ من “الورد” اسما له أحببت الطعام و الخدمة و كم أحببت أن لديه غرفة ألعاب خاصة لجميع الاعمار، تسحسلت صغيرتاي عليهما لاول مرة، و تبادلت مع الموظفين ابتسامة شكر من القلب.
أخذنا الشاي في جبل عمان في شارع الرينبو قبالة المجلس البريطاني بمحل متخصص بالشاي جعل السلحفاة الخضراء رمزا له. شايا بالمليسة و الحصل بان، مع فطيرة التفاح هي الجواب لمن أراد جوا مريحا هادئا أشبه بالكنكنة بالبيوت و لكنها هنا بجبل عمان بيتي العتيق.
و مايكون السبت دون المرور بتوأم جبل عمان ” جبل اللويبدة “الذي لا تكتمل زيارته الا بالدارة ليست دارة للفنون فقط و لكن لقصص عشاق نورت على أدراجها و شجر رمان توزع على جنباتها و تحف فن تنافست بين شجرة الواشنطونيا الكبيرة يرسم في مقهاها قصص رفقاء جلسوا و رسموا و تكلموا و لم يصمتوا و مروا دون وداع.!؟
شارفت الشمس على الرحيل، يعلو صوت طفلتاي يطلبن النوم ، تلفعني نسمة مغربية معبقة بالياسمين، أختلس نظرة تعكسني بعينيها، احساس بالاكتمال عند رؤية ابتسامتها، نعود لبيتنا االصغير، نحمم الأطفال، بلبسون البيجامات القطنية و لا ننسى “اللهاية” السحرية ، انظر لقمري و ابتسم.
عمان ليست بيوتا عتيقة و لا مطاعم حديثة، ليست بائع الخضار و لا موظف الاستقبال، ليست المتحف و لا مقهى أرجيلة تفاحتين، ليست جلسة العائلة على البرندة ذات مساء و لا أكياس تسوق من مول كبير.
………عمان كل ذلك و أكثر